البريكست أصبح ثورة ضد هيمنة ألمانيا على الاتحاد الأوروبي

يبدو أخيراً أن فكرة بريطانيا عن المنطقة الأوروبية الموحدة لم تكن سوى لأغراض تجارية بحتة، وهذا ما بدا واضحاً من خلال ما توصلت إليه نقاشات البريكست مع الاتحاد الأوروبي. ويبدو تاريخياً أن فرنسا كانت قد رفضت في الستينات من القرن دخول بريطانيا في ما كان يسمى أنذاك “السوق الأوروبية المشتركة”، قبل أن توافق في النهاية على ذلك وانضمت بريطانيا إلى هذه السوق في عام 1973.

لكن بدأت بعد ذلك موجة من الانتقادات التي كانت توجهها بريطانيا لمجموعة من الأحكام التشريعية والتنظيمية في السوق الأوروبية المشتركة، لأنها كانت تخالف تقاليد الحكومة في لندن وبدأت تطلب نقل رئاسة المفوضية إلى مسؤولين غير منتخبين في بروكسل.

الآن ومع قرب المراحل النهائية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نجد أن لندن أعادت صياغة سؤال هام جداً حول ماهية المشروع الأوروبي القائم “منطقة اليورو”: هل أوروبا هي دول ذات سيادة؟ أم أنها دولة فيدرالية أوروبية. ففي ألمانيا مثلاً كادت أن تؤدي سياسات التقشف المالي التي أقرتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تدهور اقتصادات دول منطقة اليورو خلال العقد الحالي. إضافةً إلى فتح باب الهجرة غير المنضبطة في عام 2015. كما أنها رفضت طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتخفيف من التقشف المالي الذي كانت تنتهجه.

أما بالنسبة للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب فقد أخبر ميركل بأن التجارة الحرة مع الولايات المتحدة قد انتهت، وكذلك الحال بالنسبة لضمانة واشنطن الكاملة للأمن الألماني. هذه الصدمة دعت ميركل إلى التأكيد أمام الاتحاد الأوروبي بأنه “يجب على الأوروبيين يجب أن يقرروا مصيرهم بأيديهم”. إلا ان ذلك متأخراً بالنسبة لميركل ولألمانيا، حيث أدت سياساتها إلى نهوض اليمين المتطرف التي يقوم على كراهية الأجانب وأصبح ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد الآن.

كما قادت ميركل التي كانت تقوم وحدها باستقبال الآلاف من المهاجرين واللاجئين من أفريقيا والشرق الأوسط، قادت الانتقادات الموجهة إلى إيطاليا التي رفضت احترام قوانين المرور البحري وتأمين الأشخاص المعرضين للخطر بحسب ميركل. إلا أن الاقتصاد الإيطالي كان قد دخل فعلاً في حالة من الركود في أواخر العام الماضي، ومن المحتمل أن يبقى كذلك حتى نهاية عام 2019. وقامت إيطاليا كرد على انتقادات ميركل بالتعاون مع المجر وبولندا لإنشاء كتلة معادية لألمانيا، والتي يمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن التنبؤ بها لمستقبل الاتحاد الأوروبي.

كل هذا يحدث في الوقت الذي تنقسم فيه فرنسا بسبب الاضطرابات الاجتماعية العنيفة التي ضربت البلاد. ولم يكن لدى الحكومة أي رد على المظاهرات التي استمرت ثلاثة أشهر من قبل الحركة التي أطلق عليها اسم “سترات صفراء”. ويبدو أنه لا توجد حالياً نهاية للأزمة السياسية الفرنسية. ففي يوم السبت الماضي تظاهر نحو 60 ألف شخص وقاموا بأعمال شغب في جميع المدن الفرنسية الكبرى.

هذه الفوضى التي تسود منطقة اليورو حالياً هي ما بالضبط ما يحتاجه كل من دونالد ترامب والمملكة المتحدة للحصول على نتائج تجارية من الاتحاد الأوروبي الغير مستقر. لكن من المؤكد أن اليورو سيبقى مرتفعاً وقد لا يتأثر كثيراً بهذه الأحداث، خاصةً أن البنك المركزي الأوروبي من يتحكم في اليورو.

 

سجل هنا واحصل على
عرض مميز للتداول اونلاين

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*