كريس جاردنر – ضوء يشع في نهاية النفق المظلم

تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل الثمانينات من القرن الماضي لأزمة مالية، دعت الرئيس الأمريكي أنذاك “دونالد ريغان” أن يعلن عن بدء هذه الأزمة عبر التلفزيون الوطني. وقد شاهد “كريس جاردنر” هذا الحدث على التلفاز وهو في منزله، وقد كان يعمل وقتها كمندوب مبيعات في بيع أجهزة الماسحات الضوئية للعظام وكانت نسبة زبائنه تتضاءل مع بداية الأزمة. وزوجته كانت تعمل في متجر لغسيل الملابس بساعات طويلة من أجل كسب المزيد من المال وتلبية احتياجات المنزل. وعندما رفض “كريس” طلب زوجته بأن تعمل عملاً آخر نشأت المشاكل بينهما وزادت كل يوم حتى تم  الانفصال بينهما ولكنه احتفظ بحضانة ابنهما الوحيد. مشاكله المالية اتسعت لدرجة أنه بدء ببيع دمه إلى بنوك الدم وتم إخلاءه من منزله هو وابنه بسبب عدم دفع الإيجار. وفي إحدى الأيام وجد رجلاً يقود سيارة نوع Ferrari حمراء وكان هذا الرجل يبحث عن مكان ليركن به سيارته، فذهب إليه “كريس” وأخبره أنه سيعطيه موقف مجاني يركن به السيارة إذا أخبره ما نوع العمل الذي يقوم به، فأجابه الرجل أنه سمسار في سوق الأوراق المالية. ومن هنا قرر “كريس” أن يخوض هذه التجربة ويمكل مسيرته المهنية فيها. فعمل لمدة ستة أشهر كاملة دون راتب في شركة للأوراق المالية كمتدرب، وكان دائماً ما يخرج من العمل مسرعاً من أجل إيجاد مكان له ولأبنه كي ينام به في الشارع. وقد أصبح ينام في دورات المياه لأحد محطات القطارات ليلاً. ولكن رغم كل هذه الأزمات كان “كريس” يصر على بذل أكبر جهد في العمل نهاراً ويتفرغ لرعاية ابنه ليلاً. وفي ختام البرنامج التدريبي للشركة كان “كريس” المتدرب الوحيد الذي تم اختياره للعمل في الشركة بصفة دائمة.

بعد بضعة سنين من عمله في الشركة انتقل للعمل في شركة أخرى كان يحصل فيها على إيراد أكبر. ولكن طموح “كريس” كان يكبر كل يوم وكيف لا وهو من عانى من الفقر والنوم في الشوراع مع ابنه الوحيد. لذلك قام بتأسيس شركته للوساطة المالية في عام 1987 في مدينة شيكاغو، والتي أصبحت لاحقاً تحمل اسم Christopher Gardner International Holdings والتي أصبحت فيما بعد من كبرى الشركات التي اتجهت إلى فتح أسواق في الخارج، وخاصةً في جنوب أفريقيا. لقد كان “جاردنر” يحقق الاستفادة القصوى من كل دقيقة في أعماله التجارية، لذلك قم بتطوير قاعدة تقول”كن دائماً في الوقت المناسب، أو إذا أمكن كن مبكراً”. في الوقت حالي “كريس جاردنر” لا يزال يحصل على عوائد مالية من مبيعات سيرته الذاتية والذي أصدره في عام 2006 عن مذكراته الشخصية وخاصةً عن تلك الفترة، وأيضاً الإيرادات التي حصل عليها عن الفيلم التي قام “ويل سميث” فيه بتجسيد شخصية “جاردنر” أنذاك. إضافة إلى أنه قام بإصدار كتاب آخر قام فيه بإنشاء قواعد أساسية لمكافحة التشرد والعنف المنزلي. كما أنه قام بتأسيس مشاريع في مدينة شيكاغو توفر تدريباُ شاملاً للحصول على الوظائف، إضافةً إلى توفير فرص عمل دائمة وخدمات للمشردين الذين كاد أن يكون هو واحد منهم. كما قام بتأسيس وكالة للخدمات الاجتماعية في لوس أنجلوس تعمل على منع العنف ضد النساء والأطفال.

إن قصة “كريس جاردنر” والذي يطلق عليها هو السبيل إلى السعادة، تثبت أننا مهما تعثرنا وسقطنا في سباق الحياة فإن الخط النهائي لهذا السباق لا بد أن يصله جميع الناس إذا استطاعوا أن ينهضوا ويكملوا سباقهم كما فعل “جاردنر”.

 

سجل هنا واحصل على
عرض مميز للتداول اونلاين

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*