مشاكل النفط في المملكة العربية السعودية لم تعد تؤثر على الولايات المتحدة

سابقاً وخلال الاضطرابات التي كانت تحدث للنفط في الشرق الأوسط، كانت الولايات المتحدة تشعر بألم كبير مع ارتفاع أسعار البنزين والوقود الأخرى.

وقد ترتفع التكاليف أيضاً في الأسابيع المقبلة إذا لم تستعيد المملكة العربية السعودية إنتاجها النفطي بسرعة بعد هجوم بطائرة بدون طيار على إحدى حقولها النفطية. ولكن في هذه الأيام الولايات المتحدة لم تعد تتأثر كثيراً بصدمات أسعار النفط هذه.

والسبب الأساسي في ذلك بحسب خبراء اقتصاديون في مجال الطاقة إن الطفرة التي استمرت عقداً من الزمن في الاستخراج المحلي حولت الولايات المتحدة إلى أكبر منتج للنفط في العالم، وهذا من شأنه أن يريح الاقتصاد الأمريكي بطرق جديدة. وسيؤدي إلى تعزيز الاستثمار في الحفارات وخطوط الأنابيب وربما يخلق فرص عمل جديدة تضع المزيد من المال في جيوب المستهلكين. كما ستساعد صادرات النفط الأميركية الأكثر قيمة في الدفاع عن الميزان التجاري للبلاد.

يقول خبراء الطاقة إن ارتفاع كفاءة استهلاك الوقود في السيارات الأميركية اليوم سيساعد أيضاً على تخفيف حدة ارتفاع الأسعار. ويخشى العديد من الأميركيين من أن سيؤدي ارتفاع إنتاج النفط الأميركي إلى استنزاف البلاد لخفض استخدامها للوقود الأحفوري وتبني مصادر أنظف للطاقة. ويقول علماء المناخ إن ارتفاع الصادرات التي تساعد على خفض الأسعار العالمية يمكن أن يحفز أيضاً البلدان الأخرى على الحفاظ على النفط المندفع، وزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي تشكل المحرك الرئيسي لتغير المناخ.

ويقول خبراء الاقتصاد ان الفشل فى خفض اتجاهات الاحترار الجوى سيخلق تكاليف اقتصادية ضخمة من خلال الفيضانات وارتفاع البحار والاضرار التى لحقت بالزراعة وغيرها من المشاكل .

وقدرت إدارة أوباما سابقاً أن كل طن من ثاني أكسيد الكربون الذي يطلق في الغلاف الجوي سوف ينتج حوالي 45 دولاراً كتكاليف بحلول عام 2020، وهو إجراء يُعرف بالتكلفة الاجتماعية للكربون. ومن المتوقع ان تصل انبعاثات الكربون العالمية الى رقم قياسي بلغ 37 مليار طن فى العام الماضى بزيادة 2.7 فى المائة. وقد تضاعف إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام أكثر من الضعف منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق وهو 12 مليون برميل في اليوم. بدأت الطفرة بعد أن بدأت الشركات في استخدام التكسير الهيدروليكي، والحفر الأفقي للوصول إلى النفط الموجود في الصخور الزيتية.

وأدى هذا الارتفاع إلى ارتفاع صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام والنفط المكرر، وإلى انخفاض الواردات. وقد انتقلت الولايات المتحدة من استيراد 60 فى المائة من النفط الذى استهلكته فى منتصف الالفية إلى حوالي 6 فى المائة اليوم على أساس صافي ، وفقا لما ذكرته إدارة معلومات الطاقة الفيدرالية. في حين انخفضت واردات النفط الخام من المملكة العربية السعودية إلى حوالي 600 ألف برميل يومياً هذا العام، من حوالي 1.5 مليون برميل يومياً في عام 2008.

كان ازدهار الإنتاج عاملاً رئيسياً دفع النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. في العامين الأولين من إدارة ترامب، ساهم قطاع الطاقة في أكثر من نصف ارتفاع الإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة وفقاً للاحتياطي الفيدرالي.

وقال “جايسون براون” مسؤول البحوث والسياسات في الاحتياطي الفيدرالي “إنه عندما ترتفع أسعار النفط، تستثمر الشركات أكثر في البنية التحتية لتعزيز الإنتاج. كما يميل التوظيف إلى الارتفاع عندما ترتفع الأسعار، على الرغم من أن نمو وظائف الطاقة في الولايات المتحدة في أحدث ارتفاع في الأسعار لم يكن واضحاً كما كان في السنوات الماضية لأن الشركات تعمل بكفاءة أكبر وتتطلب عدداً أقل من العمال”.

وقال براون ” اننا اقل عرضة لارتفاع أسعار النفط الذي يؤثر سلباً على الاقتصاد الامريكي. وبسبب صناعة النفط والغاز الصخري المحلي، أصبحنا الآن في وضع يسمح لنا بالاستفادة من ذلك أكثر”.

أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن الهجمات الجوية التي وقعت يوم السبت على المملكة العربية السعودية، والتي تسببت في اندلاع حرائق مشتعلة في منشأة بقيق العملاقة لتجهيز النفط وأجبرت المملكة على تعليق أكثر من نصف إنتاجها. وأدى هذا الخفض، الذي يعادل 6 في المائة من إمدادات النفط العالمية، إلى ارتفاع الأسعار.

وكان وزير النفط السعودي الامير عبد العزيز بن سلمان أعلن امس الثلاثاء أن المملكة أعادت نصف الانتاج المعلق وستعيد الباقي بنهاية الشهر الجاري. وفي الوقت نفسه، فإنها تستغل احتياطياتها النفطية الاستراتيجية لضمان التسليم المنتظم للسوق العالمية، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط.

“السؤالان الكبيران هما: كم من الوقت يستغرق السعوديون لإصلاح منشأة بقيق وإعادة الإنتاج؟ والسؤال الثاني الكبير حقا هو: ماذا سيحدث بعد ذلك؟

وتؤجج هذه الضربة توترات جديدة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تتهم إدارة ترامب طهران صراحة بشن الضربات من أراضيها، على الرغم من أن المتمردين اليمنيين أعلنوا مسؤوليتهم عن ذلك. ونفت ايران هذا الاتهام وحذرت من عواقب وخيمة فى حالة تعرضها لهجوم.

وعلى الرغم من أن تعليق الإنتاج في المملكة العربية السعودية كان واحداً من أكبر التطورات في التاريخ الحديث، إلا أن رد فعل السوق كان أكثر هدوءاً مما كان عليه في الماضي.

فخلال الحظر النفطي العربي عام 1973، توقف منتجو الشرق الأوسط عن شحن النفط إلى الولايات المتحدة وغيرها من البلدان عقاباً على دعمهم لإسرائيل في حرب يوم الغفران. وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 350 في المائة، مما ساعد على حدوث انكماش اقتصادي في الولايات المتحدة.

تسببت الثورة الإيرانية عام 1979 في ارتفاع آخر، كما حدث في حرب الخليج الفارسي وحرب العراق.

“كان الاقتصاد الأميركي أكثر عرضة لصدمات أسعار النفط في السبعينات لأن اقتصادنا كان آنذاك أقل كفاءة في استخدام الطاقة مما هو عليه اليوم، وكان الاعتماد على واردات النفط أعلى، وأعاقت ضوابط الأسعار الحكومية وتقنينها الاستجابات السريعة والفعالة من قبل المستهلكين والمنتجين”.

لا يمكن أن تحدث التحرر الحقيقي من صدمات أسعار النفط والغاز إلا إذا استبدلت الولايات المتحدة الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة المتجددة. تعمل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والمائية بشكل متزايد على تغذية توليد الطاقة في الولايات المتحدة، حيث تمثل 17 في المائة من إنتاج الكهرباء في العام الماضي، بعد أن كانت 13 في المائة في عام 2013 وفقاً لإدارة معلومات الطاقة. أما الغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية فتمثل بقية الغازات.

 

سجل هنا واحصل على
عرض مميز للتداول اونلاين

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*